الشك المنهجي طريق لليقين
يمنات
حسن حمود الدولة
يعد الجاحظ و الامام حجة الإسلام الغزالي و ديكارت من الفلاسفة الكبار الذين عنوا بالشك المنهجي من أجل الوصول إلى الحقيقة، و تتجلى ملامح عبقرية الجاحظ في قوله الواضح عن الشك كطريق للوصول الى اليقين: ((و اعرف مواضع الشَّك و حالاتها الموجبة لها لتعرف بها مواضع اليقين و الحالات الموجبة لـه، و تعلَّم الشَّك في المشكوك فيه تعلُّماً، فلو لم يكن في ذلك إلا تعرُّف التَّوقُّف ثُمَّ التَّثبُّت، لقد كان ذلك مما يُحتاج إليه. ثمَّ اعلم أنَّ الشَّكَّ في طبقاتٍ عند جميعهم، و لم يُجمعوا على أنَّ اليقين طبقات في القوَّة و الضَّعف)). هكذا فهو لم يرد الشَّكَّ لمحض الشَّك، و لا يقبل أن يكون الشَّكُّ كيفما اتَّفق و لا في كلِّ أمرٍ على حدٍّ سواءٍ و لا بالطريقة ذاتها؛ إن الشَّك الجاحظيَّ، بهذا المعنى، لا يختلف البتة عن الشَّك المنهجيِّ عند الإمام الغزالي و عند الفيلسوف الفرنسي رينه ديكارت الذي استطاع من خلال الشك اثبات وجود الله. و من قبله استطاع حجة الاسلام ابو حامد ان يبتدع نظرية للوصول إلى اليقين غير مسبوقة، فكلُّ من الثلاثة أراد الشَّكَّ طلباً للحقيقة؛ الحقيقة الجلية الواضحة، التي لا تقبل تفاوتاً في الدَّرجات. و قد أضاف الغزالي بعد أن قال أن ما يكتبه يحمل على ثلاثة أوجه: وجه يدافع به عن عقائد العوام كما في كتابه إحياء علوم الدين، و قول يقوله على قدر السائل و المسترشد مثل كتابه ميزان العمل و المنقذ من الضلال و معارج القدس، و معيار العلم، و أما الحقيقة – كما يقول – فإنه يحتفظ بها لنفسه و لا يبوح بها إلا لمن يشاركه فيها الإعتقاد، ثم يقول إذا لم يشكك هذا في اعتقادك الموروث فكفى بذلك نفعا فإن من لا يشك لا ينظر و من لا ينظر بقي في العماية و الضلال، ثم يستشهد بقول المتنبي:
خذ ما تراه ودع شيئا سمعت به * في طلعة الشمس ما يغنيك عن زحل..!
و أما ديكارت فقد تمحورت فلسفته حول الشك المنهجي فقدم تنظيرا لم يسبقه فيه احد، فاستحق ان يطلق عليه أعظم فلاسفة الشك … فقد توصل من خلال طريقته في المنهج و هي نظريته في الشك قال أنها أوحيت له في إحدى الليالي بعد طول تأمل في الفلسفة المدرسية و الخلافات القائمة بين مدرستي ارسطو و استاذه افلاطون .. فدون ذلك المنهج الذي كان بمثابة ميزان لقياس صحة الافكار و التوصل الى الصواب من عدمه، و به اصبح ابا الفلسفة المعاصرة و التي أثبت من خلاله تصحيح نظريات في علوم كثيرة كالبصريات و الهندسة و الرياضيات و قال ان منهجه صالح للوصول الى ما الحقائق و العلوم التي صورها بشجرة جذورها الميتافيزيقا اي العلوم الغيبية و لها ثلاثة فروع؛ علم الطب و علم الاخلاق و علم الميكانيكا و كل العلوم تندرج و تتفرع من هذه العلوم الثلاثة، اي ان منهجه صالحا لكل العلوم، و قال لو يطول به العمر لأثبت ذلك عمليا … كما عمل مع نظريات فثاغورس، و البصريات و التشريح …. و سمي منهجه في الشك بالشك المنهجي … و هذا النوع من الشك الابراهيمي موجود عند قدماء فلاسفة الاغريق السبعة رضوان الله عليهم اجمعين.
من حائط الكاتب على الفيسبوك
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا
لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.